فصل: 128- باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يخف انكشاف العورة وجواز القعود متربعًا ومحتبيًا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.128- باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يخف انكشاف العورة وجواز القعود متربعًا ومحتبيًا:

820- عن عبدِ اللهِ بن زيد رضي الله عنه: أنَّه رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا في الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. متفقٌ عَلَيْهِ.
الاحتباء: ضم الظهر مع الساقين بثوب، أو بيد، وكان أكثر جلوسه صلى الله عليه وسلم محتبيًا.
وفي الحديث: جواز الاستلقاء، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا لم يخش انكشاف العورة.
821- وعن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الفَجْرَ تَرَبَّعَ في مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاء. حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بأسانيد صحيحة.
في الحديث: جواز الجلوس متربعًا، أو استحباب الذكر بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس.
822- وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناءِ الكَعْبَةِ مُحْتَبِيًا بِيَدَيْهِ هكَذا، وَوَصَفَ بِيَدَيْهِ الاحْتِبَاءَ، وَهُوَ القُرْفُصَاءُ. رواه البخاري.
القرفصاء: أن يجلس على أليته ويلصق بطنه بفخذيه، ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه كما يحتبي بثوب.
823- وعن قَيْلَةَ بنْتِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنها، قالت: رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَاعِدٌ القُرْفُصَاءَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رسولَ الله المُتَخَشِّعَ في الجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ. رواه أَبُو داود والترمذي.
في هذا الحديث: استحباب التخشع في الجلوس.
قيل: إن القرفصاء أن يجلس على ركبتيه منكبًا، ويلصق بطنه بفخذيه وبباطن كفيه، وهي جلسة االأعراب.
824- وعن الشَّريدِ بن سُوَيْدٍ رضي الله عنه قال: مَرَّ بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا جَالِسٌ هكَذَا، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي، وَاتَّكَأتُ عَلَى أَليَةِ يَدي، فَقَالَ: «أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟!» رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
في هذا الحديث: كراهة هذه الجلسة، والمنع عن التشبه باليهود في هيآتهم.

.129- باب آداب المجلس والجليس:

825- عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ رَجُلًا مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلكِنْ تَوَسَّعُوا وَتَفَسَّحُوا» وكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: النهي عن إقامة الرجل من مجلسه الذي سبق إليه.
وفيه: استحباب التفسح والتوسع.
وفيه: مزيد وروع ابن عمر.
826- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ». رواه مسلم.
فيه: أن من قام من مجلسه لعذر ثم عاد إليه فهو أحق، سواء ترك فيه متاعًا أو لا.
827- وعن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النبي صلى الله عليه وسلم جلَسَ أحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
في هذا الحديث: استحباب الجلوس حيث ينتهي به المجلس، سواء كان في صدر المحل أو أسفله، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعله.
828- وعن أَبي عبد الله سَلْمَان الفارسي رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيب بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَينِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى». رواه البخاري.
في هذا الحديث: استحباب الغسل والطيب يوم الجمعة، وكراهة التفريق بين الاثنين.
وفيه: أن من فعل ذلك وانصت في الخطبة غُفر له.
829- وعن عمرو بن شُعَيْب عن أبيهِ عن جَدِّهِ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلا بإذْنِهِمَا». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
وفي رواية لأبي داود: «لا يُجْلَسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلا بِإذْنِهِمَا».
في هذا الحديث: النهي عن الجلوس بين الاثنين بغير رضاهما.
830- وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ. رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن.
وروى الترمذي عن أبي مِجْلَزٍ: أنَّ رَجُلًا قَعَدَ وَسَطَ حَلْقَةٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم- أَوْ لَعَنَ اللهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم- مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ. قَالَ الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
في هذا الحديث: النهي عن الجلوس وسط الحلقة من غير حاجة كساقٍ، ومعلم ونحو ذلك.
831- وعن أَبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خَيْرُ المَجَالِسِ أَوْسَعُهَا». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح عَلَى شرط البخاري.
في هذا الحديث: استحباب سعة المجلس لما فيه من راحة الجالسين.
832- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلا أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ، إِلا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
اللغط: الكلام الذي فيه جلبة واختلاط، وإنما ترتب على هذا الذكر مغفرة ما كسب في ذلك المجلس لما فيه من تنزيه الله سبحانه والثناء عليه بإحسانه والشهادة بتوحيده، ثم سؤال المغفرة منه وهو الذي لا يخيب سائلًا صادقًا.
833- وعن أَبي بَرْزَة رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ بأَخَرَةٍ إِذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلا أنتَ أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إليكَ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله، إنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلًا مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى؟ قَالَ: «ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ في المَجْلِسِ». رواه أَبُو داود، ورواه الحاكم أَبُو عبد الله في "المستدرك" من رواية عائشة رضي الله عنها وقال: (صحيح الإسناد).
إذا ختم الإنسان المجلس بهذا الذكر كان كفارة لما يكون في المجلس من لغط ونحوه. وإن كان مجلس ذكر كان كالطابع عليه، وكان خيرًا على خير.
834- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهؤلاء الدَّعَواتِ: «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ به عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بأسْمَاعِنا، وَأَبْصَارِنَا، وقُوَّتِنَا مَا أحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوارثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلا تَجْعَلْ مُصيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمُنَا». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
الخشية: هي الخوف مع معرفة جلال المخشي منه، ولذا اختصت بالعلماء بالله تعالى قال جل وعلا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: 28]، وهذا الدعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة.
835- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ الله تَعَالَى فِيهِ، إِلا قَامُوا عَنْ مِثْل جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةٌ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
وذكر جيفة الحمار زيادة في التنفير، وإيماء إلى أن تارك الذكر بمثابة الحمار المضروب به المثل في البلادة، إذ غفل بما هو فيه من الترهات، ولذائذ المحاورات عن ذكر رب الأرض والسماوات.
836- وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا الله تَعَالَى فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ فِيهِ، إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ؛ فَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
837- وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُر الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لا يَذْكُرُ الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ». رواه أَبُو داود.
وَقَدْ سبق قريبًا، وشَرَحْنَا (التِّرَة) فِيهِ.
الترة: النقص، وقيل التَّبِعَة.
وفي الحديث: ذم الغفلة عن الذكر، واستحبابه في كل حال من الأحوال.